أشار رئيس التّحرير التّنفيذي لصحيفة "اليوم السّابع" المصريّة عادل السنهوري، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ إسرائيل، نتيجة فشلها في تحقيق أيّ من الأهداف الكبرى الّتي أعلنت عنها منذ بداية الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، من تحرير الأسرى إلى القضاء على حركة "حماس" وتفكيك بنية المقاومة، تسعى إلى إلقاء كرة اللّهب إلى مراحل متقدّمة، من خلال التّهديد بشنّ عمليّة عسكريّة على مدينة رفح المصريّة، لا سيّما أنّ ردّ "حماس" على وثيقة الهدنة الأخيرة يعكس مطالب الفريق المنتصر في الحرب؛ الأمر الّذي تسبّب في "هياج" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
ورأى أنّ نتانياهو يحاول أن يتقدّم ليقفز بالمعركة إلى الأمام، من خلال التّهديد بهذه المعركة، للضّغط على حركات المقاومة للتّنازل عن الشّروط إلى الحدّ الّذي يتماشى مع المطالب الإسرائيليّة. ولفت إلى ردود الأفعال العالميّة تجاه الإقدام على هذه الكارثة الإنسانيّة الكبرى، مبيّنًا أنّ الولايات المتحدة الأميركية، بالرّغم من التّحالف الاستراتيجي مع إسرائيل، بدأت تدرك في عام الانتخابات، أنّه بات هناك تأثيرًا مباشرًا على المصالح الاستراتيجيّة في المنطقة، واكتشفت أنّ هناك تهديدًا فعليًّا من كلّ حركات المقاومة، وبالتّالي أصبح نتانياهو، كما ألمح الرّئيس الأميركي جو بايدن، يخوض معركته الشّخصيّة، لأنّه يعي تمامًا أنّ وقف إطلاق النّار والانتهاء من هذه الحرب، يمثّل نهايةً لمصيره السّياسي والدفع به إلى السّجن في عدّة قضايا.
وأوضح السنهوري أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يدرك مدى خطورة هذه المعركة، إذ أنّ مدينة رفع تحتضن 1,5 مليون إنسان في مساحة صغيرة جدًّا، وهي ربّما تمسّ الأمن القومي المصري، مركّزًا على أنّ القاهرة أكّدت أنّها ترفض هذه الحرب بكلّ الطّرق والتّعامل معها مفتوح، وبالتّالي هذه الخطوة يجب أن تكون محسوبة من الجانب الإسرائيلي، خصوصًا أنّ بينه وبين مصر مصالح واتفاقيّة سلام. وذكّر بأنّ القاهرة ألمحت أنّ الدّخول في هذه المعركة على حدودها، سيقود إلى تجميد عمليّة السّلام، وبالتّالي الدّخول في مرحلة أخرى تمامًا، معربًا عن اعتقاده أنّ لا مصر ولا إسرائيل تريدان هذه المعركة.
بالإضافة إلى ذلك، أشار مدير تحرير صحيفة "اليوم السّابع" المصريّة، إلى أنّ هناك مجموعة أخرى من الاعتبارات الّتي من المفترض أن تؤخذ بالاعتبار، منها اقتراب موعد شهر رمضان، والجميع يدرك تداعيات حصول هذه المعركة في هذا الشهر تحديدًا، مشدّدًا على أنّ الموقف المصري واضح من التّهجير القسري أو المساس بحدودها. ولفت إلى الحديث الرّسمي عن الحشود العسكريّة المصريّة وزيادة عدد القوّات، ووَجد أنّ المسألة باتت على صفيح ساخن، فهل يريد نتانياهو إشعال جميع الجبهات؟
وردًا على سؤال حول الاجتماع الأمني الّذي يُعقد اليوم في القاهرة، كرّر السنهوري أنّ إسرائيل تحاول أن تضغط بأقصى الأوراق الّتي بيديها، لا سيّما ورقة رفح الحسّاسة، للحصول على ما تريد من اتفاق الهدنة أو على الأقلّ تخفيض سقف المطالب الّتي حدّدتها "حماس" في وثيقة الهدنة، لا سيّما أوقاتها الطويلة، مفسّرًا أنّه عند الحديث عن 3 مراحل في 45 يومًا، فإنّ ذلك يعني انتهاء الحرب، لأنّه ليس هناك من حرب تعود من جديد بعد 4 أشهر.
ولذلك، اعتبر أنّ الجانب الإسرائيلي يسعى إلى اختزال هذه الهدنة في تبادل الأسرى فقط، لا الدّخول في مرحلة إعادة الإعمار، لا سيّما أنّ من بين بنود الوثيقة تحديد مصير المسجد الأقصى والعودة إلى ما قبل خطوط العام 2002، أي مسألة كبيرة تتعلّق بمشروع سياسي. وهنا ما يُزعج إسرائيل أنّ "حماس" طرحت نفسها كدولة بديلًا عن السّلطة الفلسطينيّة في مسألة التّفاوض، في حال كان هناك تفاوض في مرحلة ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار.
وبالتّالي، أكّد السنهوري أنّ إسرائيل تريد فقط تبادل الأسرى مقابل هدن بسيطة، مركّزًا على أنّ هناك عوامل لا يجب أن تغفل في حال توقّف الحرب لفترة طويلة، منها صعوبة العودة إليها في ظلّ المصاعب الّتي يتعرّض لها الاقتصاد الإسرائيلي والتّهجير الداخلي الّذي تعرّض له سكان المستوطنات، كما أنّ هناك تحوّلات أخرى قد تحصل، منها دخول الانتخابات الأميركيّة مراحل أكثر جدّيّة، والتّغيّر في بعض المواقف الأوروبيّة.